كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فغضب موسى غضبا شديدا لأنه تناوله وهو يعلم منزلته من بني إسرائيل، وحفظه لهم ما لم يطلع عليه غيره، فوكز موسى الفرعوني فقتله، وليس يراهما أحد إلا اللّه عز وجل والإسرائيلي، فقال موسى حين قتل الرجل:
هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ثم قال: قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)، (القصص) ... الأخبار، فأتى فرعون، فقيل له: إن بني إسرائيل قتلوا رجلا من آل فرعون، فخذ لنا بحقنا، ولا ترخص لهم، فقال: ابغوني قاتله من يشهد عليه، فإن الملك وإن كان صفوة مع قومه لا ينبغي له أن يقتل بغير بينة ولا ثبت، فاطلبوا لي علم ذلك آخذ لكم بحقكم، فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة، إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلا من آل فرعون آخر، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فصادف موسى قد ندم على ما كان منه، وكره الذي رأى، فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال له ما قال، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذى قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون بعد ما قال له: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أن يكون إياه أراده، ولم يكن أراده إنما أراد الفرعوني، فخاف الإسرائيلي، وقال لموسى: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ، وإنما قال له مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فتتاركا، وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ، فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى، فأخذ رسل فرعون الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم، فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة فاختصر طريقا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره، وذلك من الفتون يا ابن جبير، فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك،

الصفحة 169