كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

التي وعده، فإنه قضى عشر سنين، فلقيت النصراني، فأخبرته ذلك، فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك؟ قلت: أجل، وأولى - فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصى ويده ما قص اللّه عليك في القرآن، فشكا إلى اللّه تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون ويكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه اللّه عز وجل وحل عقدة من لسانه، وأوحى اللّه إلى هارون فأمره أن يلقاه، فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون، فانطلقا جميعا إلى فرعون، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد، فقالا: إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ، فقال:
فَمَنْ رَبُّكُما؟ فأخبره بالذي قص اللّه عليك في القرآن، قال: فما تريدان؟ وذكره القتيل، فاعتذر بما قد سمعت، قال: أريد أن تؤمن باللّه، وترسل معي بني إسرائيل، فأبى عليه، وقال:" ائت بآية إن كنت من الصادقين"، فألقى عصاه، فإذا هي ثعبان عظيمة فاغرة فاها، مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها، واقتحم عن سريره، واستغاث بموسى أن يكفها عنه، ففعل ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء، يعني من غير برص ثم ردها فعادت إلى لونها الأول فاستشار الملأ حوله فيما رأى فقالوا له: هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما ويَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (63) يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب، وقالوا له: اجمع السحرة فإنهم بأرضك كثير، حتى تغلب بسحرك سحرهما، فأرسل إلى المدائن، فحشر له كل ساحر متعالم، فلما أتوا فرعون قالوا بم يعمل السحر؟ قالوا: يعمل بالحيات، قالوا: فلا واللّه ما أحد من الأرض يعمل السحر بالحيات، والحبال والعصي الذي نعمل، وما أجرنا إن نحن غلبنا؟ قال لهم: أنتم أقاربي وخاصتي، وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم، فتواعدوا يَوْمُ الزِّينَةِ وأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) قال سعيد: فحدثني ابن عباس: أن يوم الزينة: اليوم الذي أظهر اللّه فيه موسى على فرعون والسحرة، هو يوم عاشوراء، فلما اجتمعوا في صعيد، قال الناس بعضهم لبعض: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر، لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ

الصفحة 171