كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

البحر بعصاه حين دنا اوائل جند فرعون من أواخر جند موسى، فانفرق البحر كما أمره ربه، وكما وعد موسى، فلما جاوز موسى وأصحابه كلهم البحر، ودخل فرعون وأصحابه التقى عليهم البحر كما أمر، فلما جاوز موسى قال أصحابه: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه، فدعا ربه، فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه، ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (139) قد رأيتم من العبر وسمعتم ما يكفيكم، ومضى فأنزلهم موسى منزلا، وقال: أطيعوا هارون فإن اللّه قد استخلفه عليكم، فإني ذاهب إلى ربي، وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع إليهم فيها، فلما أتى ربه عز وجل وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما، وقد صامهن ليلهن ونهارهن وكره أن يكلم ربه وريح فيه ريح فم الصائم، فتناول موسى شيئا من نبات الأرض فمضغة، فقال له ربه حين أتاه: لم أفطرت، وهو أعلم بالذي كان، قال: يا رب، إني كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح، قال: أ وما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب من ريح المسك، ارجع فصم عشرا ثم ائتنى، ففعل موسى ما أمره به ربه، فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم في الأجل ساءهم ذلك، وكان هارون قد خطبهم، فقال: إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم عواري وودائع، ولكم فيها مثل ذلك، وأنا أرى أن تحتسبوا مالكم عندهم، ولا أحل لكم وديعة استودعتموها ولا عارية، ولسنا برادين إليهم شيئا من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا، فحفر حفيرا، وأمر كل قوم عندهم من ذلك متاع أو حلية أن يقذفوه في ذلك الحفير، ثم أوقد عليه النار فأحرقه، فقال: لا يكون لنا ولا لهم، وكان السامري من قوم يعبدون البقر جيران لبني إسرائيل، ولم يكن من بني إسرائيل، فاحتمل مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا، فقضى له أن رأى أثرا، فقبض منه قبضة، فمر بهارون، فقال له هارون:
يا سامري، إلا تلقي ما في يديك، وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك، فقال: هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر، ولا ألقيها لشيء إلا أن تدعو اللّه إذا ألقيتها أن يكون ما أريد، فألقاها، ودعا له هارون، فقال: أريد أن تكون عجلا،

الصفحة 173