كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الأموال فليس بصحيح، لأن الكيمياء تخييل وصبغة لا تحيل الحقائق ولا تشابه صنعة الخالق، والاسم الأعظم لا يصعد الدعاء به من كافر به، وقارون كان كافرا في الباطن منافقا في الظاهر، ثم لا يصح جوابه لهم بهذا على هذا التقدير، ولا يبقى بين الكلامين تلازم، وقد وضحنا هذا في كتابنا التفسير، وللّه الحمد.
قال اللّه تعالى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ذكر كثير من المفسرين أنه خرج في تجمل عظيم من ملابس ومراكب وخدم وحشم، فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله، وغبطوه بما عليه وله، فلما سمع مقالتهم العلماء ذوو الفهم الصحيح الزهاد الألباء، قالوا لهم: وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً أي ثواب اللّه في الدار الآخرة خير وأبقى وأجل وأعلى، قال اللّه تعالى: ولا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ أي وما يلقي هذه النصيحة وهذه المقالة وهذه الهمة السامية إلى الدار الآخرة العلية عند النظر إلى زهرة هذه الدنيا الدنية إلا من هدى اللّه قلبه، وثبت فؤاده وأيد لبه وحقق مراده، وما أحسن ما قال بعض السلف: إن اللّه يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، والعقل الكامل عند حلول الشهوات، قال اللّه تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (81) لما ذكر تعالى خروجه في زينته واختياله فيها وفخره على قومه بها قال:
فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الْأَرْضَ كما روى البخاري من حديث الزهري عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال: (بينا رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة). ثم رواه البخاري من حديث جرير بن زيد عن سالم، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم نحوه. وقد ذكر ابن عباس والسدى: أن قارون أعطي امرأة بغيا مالا على أن تقول لموسى عليه السلام وهو في ملأ من الناس إنك فعلت بي كذا وكذا، فيقال: إنها قالت له ذلك، فأرعد من الفرق، وصلى ركعتين، ثم أقبل عليها فاستحلفها من ذلك على ذلك، وما حملك عليه؟ فذكرت أن قارون هو الذي حملها على ذلك، واستغفرت اللّه وتابت إليه، فعند ذلك خر موسى للّه ساجدا، ودعا اللّه على قارون، فأوحى اللّه

الصفحة 181