كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الناس وإفساد معايشهم والإساءة إليهم، وعدم النصح لهم، ثم قال تعالى: والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) وقصة قارون هذه قد تكون قبل خروجهم من مصر، لقوله: فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الْأَرْضَ فإن الدار ظاهرة في البنيان، وقد تكون بعد ذلك في التيه، وتكون الدار عبارة عن المحلة التي تضرب فيها الخيام، كما قال عنترة:
يا دارا عبلة بالجواء تكلمي ... و عمي صباحا دار عبلة واسلمي

واللّه أعلم. وقد ذكر اللّه تعالى مذمة قارون في غير ما آية من القرآن قال اللّه:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وسُلْطانٍ مُبِينٍ (23) إِلى فِرْعَوْنَ وهامانَ وقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (24)، وقال تعالى في سورة العنكبوت، بعد ذكر عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان: ولَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وما كانُوا سابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً ومِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ ومِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)، فالذي خسف به الأرض قارون، كما تقدم، والذي أغرق فرعون وهامان وجنودهما إنهم كانوا خاطئين.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا سعيد، حدثنا كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد اللّه بن عمرو، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف). انفرد به أحمد رحمه اللّه.
باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفائه
قال اللّه تعالى في سورة مريم: واذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وكانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) ونادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (52) ووَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53) .. وقال تعالى: قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)، (الأعراف: 144).

الصفحة 183