كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

قال بعض السلف: كان من وجاهته أنه شفع في أخيه عند اللّه وطلب منه أن يكون معه وزيرا فأجابه اللّه إلى سؤاله، وأعطاه طلبته، وجعله نبيا، كما قال: ووَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53)، ثم قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، حدثنا الأعمش سألت أبا وائل، قال: سمعت عبد اللّه، قال: قسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قسما، فقال رجل: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه اللّه، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه وسلم فغضب، حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: (يرحم اللّه موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
وكذا رواه مسلم من غير وجه عن سليمان بن مهران الأعمش به. وقال الإمام أحمد:
حدثنا أحمد ابن حجاج سمعت إسرائيل بن يونس، عن الوليد بن أبي هاشم، مولى لهمدان، عن زيد ابن أبي زائد، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لأصحابه: (لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر). قال: وأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مال، فقسمه، قال: فمررت برجلين، وأحدهما يقول لصاحبه: واللّه ما أراد محمد بقسمته وجه اللّه، ولا الدار الآخرة، فثبت حتى سمعت ما قالا، ثم أتيت رسول اللّه، فقلت: يا رسول اللّه، إنك قلت: لنا لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا، وإني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا، فاحمر وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وشق عليه، ثم قال: (دعنا منك، فقد أوذي موسى أكثر من ذلك فصبر).
وهكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل عن الوليد بن أبي هاشم به. وفي رواية للترمذي ولأبي داود من طريق ابن عبد، عن إسرائيل، عن السدي، عن الوليد به.
وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وقد ثبت في الصحيحين في أحاديث الإسراء: (أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مر بموسى وهو قائم يصلي في قبره). ورواه مسلم عن أنس. وفي الصحيحين من رواية قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم: (أنه مر ليلة أسري به بموسى في السماء السادسة، فقال له جبريل: هذا موسى، فسلم عليه، قال:
فسلمت عليه، فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي)، وذكر إبراهيم في السماء السابعة، وهذا هو المحفوظ. وما وقع في

الصفحة 185