كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

حديث شريك بن أبي نمر عن أنس: من أن إبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة بتفضيل كلام اللّه، فقد ذكر غير واحد من الحفاظ: أن الذي عليه الجادة: أن موسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة، وأنه مسند ظهره إلى البيت المعمور، الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون إليه، آخر ما عليهم.
واتفقت الروايات كلها على أن اللّه تعالى لما فرض على محمد صلّى اللّه عليه وسلم وأمته خمسين صلاة في اليوم والليلة، فمر بموسى، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإني قد عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المعالجة، وأن أمتك أضعف أسماعا وأبصارا وأفئدة، فلم يزل يتردد بين موسى وبين اللّه عز وجل، ويخفف عنه في كل مرة، حتى صارت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة. وقال اللّه تعالى: هي خمس وهي خمسون، أي بالمضاعفة، فجزى اللّه عنا محمدا صلّى اللّه عليه وسلم خيرا، وجزى اللّه عنا موسى عليه السلام خيرا.
وقال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا حصين بن نمير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يوما، فقال: (عرضت على الأمم، ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق، فقيل: هذا موسى في قومه). هكذا روى البخاري هذا الحديث هاهنا مختصرا، وقد رواه الإمام أحمد مطولا، فقال: حدثنا شريح، حدثنا هشام، حدثنا حصين بن عبد الرحمن، قال: كنت عند سعيد بن جبير، فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت: أنا، ثم قلت:
إني لم أكن في صلاة، ولكن لدغت، قال: وكيف فعلت؟ قلت: استرقيت، قال: وما حملك على ذلك؟ قال: قلت: حديث حدثناه الشعبي عن بريدة الأسلمي، أنه قال: (لا رقية إلا من عين أو حمة). فقال سعيد، يعني ابن جبير: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ثم قال: حدثنا ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال: (عرضت على الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي معه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فقلت: هذه أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق فإذا سواد عظيم، ثم قيل: انظر إلى هذا الجانب، فإذا سواد عظيم، فقيل: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب)، ثم نهض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم

الصفحة 186