كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

فدخل، فخاض القوم في ذلك، فقالوا: من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال: بعضهم لعلهم الذين صحبوا النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وقال بعضهم: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا باللّه شيئا قط، وذكروا أشياء، فخرج إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال:
(ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟) فأخبروه بمقالتهم، فقال: (هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)، فقام عكاشة بن محيصن الأسدي، فقال: أنا منهم يا رسول اللّه؟ قال: (أنت منهم)، ثم قام آخر، فقال: أنا منهم يا رسول اللّه؟ فقال: (سبقك بها عكاشة). وهذا الحديث له طرق كثيرة جدا وهو في الصحاح والحسان وغيرها.
وقد ذكر اللّه تعالى موسى عليه السلام في القرآن كثيرا وأثنى عليه، وأورد قصته في كتابه العزيز مرارا، وكررها كثيرا، مطولة ومبسوطة ومختصرة، وأثنى عليه بليغا، وكثيرا ما يقرنه اللّه ويذكره، ويذكر كتابه مع محمد صلّى اللّه عليه وسلم وكتابه، كما قال في سورة البقرة: ولَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101)، وقال تعالى:
الم (1) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وأَنْزَلَ التَّوْراةَ والْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ واللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (4)، وقال تعالى في سورة الأنعام:
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وتُخْفُونَ كَثِيراً وعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ ولا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ولِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى ومَنْ حَوْلَها والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (92) .. فأثنى تعالى على التوراة، ثم مدح القرآن العظيم مدحا عظيما، وقال تعالى في آخرها: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وهُدىً ورَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

الصفحة 187