كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الرسولين، عليهما السلام، وقالت الجن لقومهم: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى، وقال ورقة بن نوفل، لما قص عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم خبر ما رأى من أول الوحى، وتلا عليه: اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَا ورَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5)، قال: سبوح سبوح هذا الناموس الذي أنزل على موسى بن عمران.
وبالجملة: فشريعة موسى عليه السلام كانت عظيمة، وأمته كانت أمة كثيرة، ووجد فيها أنبياء وعلماء، وعباد وزهاد وألباء، وملوك وأمراء وسادات وكبراء، لكنهم كانوا فبادوا وتبدلوا كما بدلت شريعتهم، ومسخوا قردة وخنازير، ثم نسخت بعد كل حساب ملتهم، وجرت عليهم خطوب وأمور يطول ذكرها، ولكن سنورد ما فيه مقنع لمن أراد أن يبلغه خبرها، إن شاء اللّه وبه الثقة وعليه التكلان.
حجته عليه السلام إلى البيت العتيق
قال الإمام أحمد: حدثنا هشام، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مر بوادي الأزرق، فقال: (أي واد هذا؟) قالوا: وادي الأزرق، قال: (كأني أنظر إلى موسى وهو هابط من الثنية، وله جؤار إلى اللّه عز وجل بالتلبية)، حتى أني على ثنية هرشاء، فقال: (أي ثنية هذه؟) قالوا: هذه ثنية هرشاء، قال: (كأني انظر إلى يونس بن متى، على ناقة حمراء، عليه جبة من صوف، خطام ناقته خلبة - قال هشيم: يعني ليفا - وهو يلبي). أخرجه مسلم من حديث داود بن أبي هند به. وروى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا: (إن موسى حج على ثور أحمر) وهذا غريب جدا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن مجاهد، قال:
كنا عند ابن عباس، فذكروا الدجال، فقال: إنه مكتوب بين عينيه: (ك ف ر)، قال:
ما يقولون؟ قال: يقولون مكتوب بين عينيه ك ف ر، فقال ابن عباس: لم أسمعه قال ذلك، ولكن قال: (أمّا إبراهيم: فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى: فرجل آدم، جعد

الصفحة 189