كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

فصلى ركعتين، ثم دعا اللّه، فنزل السرير، حتى نظروا إليه بين السماء والأرض، ثم إن موسى عليه السلام بينما هو يمشى ويوشع فتاه، إذ أقبلت ريح سوداء، فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة، فالتزم موسى، وقال: تقوم الساعة وأنا ملتزم موسى نبي اللّه، فاستل موسى عليه السلام من تحت القميص، وترك القميص في يدي يوشع، فلما جاء يوشع بالقميص آخذته بنو إسرائيل، وقالوا: قتلت نبي اللّه، فقال: لا، واللّه ما قتلته، ولكنه استل منى، فلم يصدقوه وأرادوا قتله، قال: فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام، فدعا اللّه، فأتى كل رجل ممن كان يحرسه في المنام، فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى، وإنا قد رفعناه إلينا فتركوه، ولم يبق أحد ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إلا مات، ولم يشهد الفتح، وفي بعض هذا السياق نكارة وغرابة، واللّه أعلم. وقد قدمنا: أنه لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى، سوى يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا، وهو زوج مريم أخت موسى وهارون، وهما الرجلان المذكوران فيما تقدم، اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بالدخول عليهم. وذكر وهب بن منبه: أن موسى عليه السلام مر بملإ من الملائكة يحفرون قبرا فلم ير أحسن منه ولا أنضر ولا أبهج، فقال: يا ملائكة اللّه، لمن تحفرون هذا القبر؟ فقالوا: لعبد من عباد اللّه كريم، فإن كنت تحب أن تكون هذا العبد، فادخل هذا القبر، وتمدّد فيه، وتوجه إلى ربك، وتنفّس أسهل تنفّس، ففعل ذلك، فمات صلوات اللّه وسلامه عليه، فصلت عليه الملائكة، ودفنوه.
وذكر أهل الكتاب وغيرهم: أنه مات وعمره مائة وعشرون سنة. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أمية بن خالد ويونس، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم - قال يونس: رفع هذا الحديث إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم - قال: (كان ملك الموت يأتى الناس عيانا، قال: فأتى موسى عليه السلام فلطمه، ففقأ عينه، فأتى ربه، فقال: يا رب عبدك موسى فقأ عيني، ولو لا كرامته عليك لعتبت عليه - وقال يونس لشققت عليه - قال له: اذهب إلى عبدى، فقل له: فليضع يده على جلد، أو مسك، ثور، فله بكل شعرة وارت يده سنة، فأتاه، فقال له، فقال: ما بعد هذا؟ قال: الموت، قال: فالآن. قال: فشمه شمة، فقبض روحه.) قال يونس: فرد

الصفحة 193