كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

اللّه عليه عينه، وكان يأتي الناس خفية. وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن مصعب بن المقدام عن حماد بن سلمة به، فرفعه أيضا.
نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون
هو: يوشع بن نون بن أفراثيم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع بن عم هود، وقد ذكره اللّه تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة الخضر، كما تقدم من قوله: وإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ وقدمنا ما ثبت في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم:
(من أنه يوشع بن نون). وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم، وهم السامرة، لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به في التوراة، ويكفرون بما وراءه، وهو الحق من ربهم، فعليهم لعائن اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة.
وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين، عن محمد بن إسحاق: من أن النبوة حولت من موسى إلى يوشع في آخر عمر موسى، فكان موسى يلقى يوشع فيسأله ما أحدث اللّه من الأوامر والنواهي؟ حتى قال له: يا كليم اللّه، إني كنت لا أسألك عما يوحى اللّه إليك حتى تخبرني أنت ابتداء من تلقاء نفسك، فعند ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت. ففي هذا نظر لأن موسى عليه السلام لم يزل الأمر والوحي والتشريع والكلام من اللّه إليه من جميع أحواله حتى توفاه اللّه عز وجل، ولم يزل معززا مكرما مدللا وجيها عند اللّه كما قدمنا في الصحيح من قصة فقئه عين ملك الموت، ثم بعثه اللّه إليه إن كان يريد الحياة، فليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة وارت يده سنة يعيشها، قال: ثم ما ذا؟ قال: الموت، قال: فالآن يا رب، وسأل اللّه أن يدنيه إلى بيت المقدس رمية بحجر. وقد أجيب إلى ذلك صلوات اللّه وسلامه عليه، فهذا الذى ذكره محمد بن إسحاق إن كان إنما يقوله من كتب أهل الكتاب، ففي كتابهم الذى يسمونه التوراة: أن الوحي لم يزل ينزل على موسى في كل حين يحتاجون إليه إلى آخر مدة موسى، كما هو المعلوم من سياق كتابهم، عند تابوت الشهادة في قبة الزمان، وقد ذكروا

الصفحة 194