كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

قصته في التفسير، وأنه كان فيما قاله ابن عباس وغيره يعلم الاسم الأعظم، وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه، فامتنع عليهم ولما ألحوا عليه ركب حمارة له ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل، فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته، فضربها حتى قامت فسارت غير بعيد وربضت، فضربها ضربا أشد من الأول، فقامت ثم ربضت، فضربها فقالت له: يا بلعام، أين تذهب؟ أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا؟ أ تذهب إلى نبي اللّه والمؤمنين تدعو عليهم، فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به حتى أشرف عليهم من رأس جبل حسبان، ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل، فأخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك، فاعتذر إليهم بأنه لا يجرى على لسانه إلا هذا، واندلع لسانه حتى وقع على صدره، وقال لقومه: ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة، ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم حتى لعلهم يقعون في الزنا، فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموهم، ففعلوا وزينوا نساءهم وبعثوهن إلى المعسكر فمرت امرأة منهم اسمها كستى برجل من عظماء بني إسرائيل، وهو زمري بن شلوم، يقال إنه: كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب، فدخل بها قبته، فلما خلا بها أرسل اللّه الطاعون على بني إسرائيل، فجعل يجوس فيهم، فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العزار بن هارون أخذ حربته وكانت من حديد، فدخل عليهما القبة فطعنهما جميعا فيها، ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته ورفعهما نحو السماء، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون، فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفا، والمقلل يقول: عشرين ألفا، وكان فنحاص بكر أبيه العزار بن هارون فلهذا يجعل بنو إسرائيل لولد فنحاص من الذبيحة اللية والذراع واللحى، ولهم البكر من كل أموالهم وأنفسهم.
وهذا الذى ذكره ابن إسحاق من قصة بلعام صحيح قد ذكره غير واحد من علماء السلف، لكن لعله لما أراد موسى دخول بيت المقدس أول مقدمه من الديار المصرية، ولعله مراد ابن إسحاق، ولكنه ما فهمه بعض الناقلين عنه. وقد قدمنا عن نص التوراة

الصفحة 198