كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

ما يشهد لبعض هذا، واللّه أعلم.
ولعل هذه قصة أخرى كانت في خلال سيرهم في التيه فإن في هذا السياق ذكر حسبان وهي بعيدة عن أرض بيت المقدس، أو لعله كان هذا لجيش موسى الذين عليهم يوشع بن نون حين خرج بهم من التيه قاصدا بيت المقدس كما صرح به السدي، واللّه أعلم. وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور: أن هارون توفي بالتيه قبل موسى أخيه بنحو من سنتين، وبعده موسى في التيه أيضا، كما قدمنا، وأنه سأل ربه أن يقرب إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك، فكان الذى خرج بهم من التيه وقصد بهم بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام، فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ: أنه قطع بني إسرائيل نهر الأردن، وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر، ثم إنهم أحاطوا بها يوما وضربوا بالقرون، يعني الأبواق، وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم وقتلوا اثني عشر ألفا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكا كثيرة، ويقال: إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكا من ملوك الشام، وذكروا أنه انتهى محاصرته لها إلى يوم جمعة بعد العصر، فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الذى جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان، قال لها: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ، فحبسها اللّه عليه، حتى تمكن من فتح البلد، وأمر القمر فوقف عن الطلوع. وهذا يقتضي أن هذه الليلة كانت الليلة الرابعة عشرة من الشهر، والأول وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث الذي سأذكره، وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب، ولا ينافي الحديث بل فيه زيادة تستفاد فلا تصدق ولا تكذب، ولكن ذكرهم أن هذا في فتح أريحا فيه نظر، والأشبه واللّه أعلم، أن هذا كان في فتح بيت المقدس الذي هو المقصود الأعظم، وفتح أريحا كان وسيلة إليه، واللّه أعلم.
قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا أبو بكر، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالى سار إلى بيت المقدس). انفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط

الصفحة 199