كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الفصل الثاني قوم لوط (عليه السّلام)
لعل في قصة قوم لوط التي ذكرت في القرآن الكريم «1» في سور عدة ما يدفع إلى العجب، وقد يشك الإنسان لوهلة مما ورد في هذه القصة من آيات وأحاديث وهي مذكورة في كتب التفاسير وكتب قصص الأنبياء. وما يهمنا هنا هو ما حصل من عقاب إلهي لقوم هذه القرية وهي قرية سدوم في منطقة تسمى عمق السديم بأرض الأردن قرب البحر الميت والذي يسمى ببحر لوط أيضا بسبب ما فعلوه من أعمال قبيحة خبيثة تأباها النفس البشرية، وقد حذرهم منها سيدنا لوط عليه السلام إلا أنهم لم يأبهوا بتحذيره بل وتحدوه أن يأتيهم بالعذاب الذي يعدهم به، بل وهددوه بالقتل رجما بالحجارة إن هو لم يكف عن دعوته. عند ذلك دعا لوط ربه أن ينجيه وأهله مما يعملون فأنجاه اللّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين فهلكت مع قومها الذين أهلكهم اللّه بالصيحة كما قال تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) (الحجر) «2». فقد أرسل اللّه تعالى الملائكة بهيئة بشر وقالوا له أن العذاب سيأتي على قومه في الصباح فحمل سيدنا جبريل عليه السلام الأرض وهم نائمون (أي أرض سدوم) وقلبها جاعلا عاليها سافلها بينما أهل لوط أمروا بالخروج من المدينة وعدم الالتفات إذا سمعوا الصيحة، إلا أن امرأته التفتت فأصابها ما أصاب قومها جزاء لها بعدم طاعتها لنبي اللّه لوط عليه السلام. فيا ترى هل يعقل أن تقتطع جزء من الأرض وتقلب على عكسها كما جاء في القصة؟.
هذا ما أثبتته الأبحاث الآثارية والجيولوجية فعلا، فقد أثبتت أن طبقات الأرض
_________________
(1) لاحظ القصة كاملة في الملحق (2).
(2) المستفاد من قصص القرآن، د. عبد الكريم زيدان، ج/ 1، ص 231.

الصفحة 20