كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

وعدهم إياه، وأن يقولوا حال دخولهم حطة، أي حط عنا خطايانا التى سلفت من نكولنا الذى تقدم منا، ولهذا لما دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مكة يوم فتحها دخلها وهو راكب ناقته وهو متواضع حامد شاكر، حتى أن عثنونه، وهو طرف لحيته، ليمس مورك رحله مما يطأطئ رأسه خضعانا للّه عز وجل، ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منه إلا الحدق ولا سيما الكتيبة الخضراء التى فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، ثم لما دخلها اغتسل، وصلى ثماني ركعات، وهي صلاة الشكر على النصر على المنصور من قولى العلماء، وقيل: إنها صلاة الضحى، وما حمل هذا القائل على قوله هذا إلا لأنها وقعت وقت الضحى، وأما بنو إسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به قولا وفعلا دخلوا الباب يزحفون على استاههم، يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة، وحاصله: أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزءوا به كما قال تعالى حاكيا عنهم في سورة الأعراف وهى مكية: وإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وقُولُوا حِطَّةٌ وادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (162)، وقال في سورة البقرة وهى مدنية مخاطبا لهم: وإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (59)، وقال الثوري عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً قال: ركعا من باب صغير.
رواه الحاكم وابن جرير وابن أبي حاتم، وكذا روى العوفي عن ابن عباس، وكذا روى الثوري عن ابن إسحاق، عن البراء، قال مجاهد والسدي والضحاك: والباب هو باب حطة من بيت إيلياء بيت المقدس. قال ابن مسعود: فدخلوا مقنعي رءوسهم ضد ما أمروا به، وهذا لا ينافي قول ابن عباس: أنهم دخلوا يزحفون على استاههم. وهكذا في الحديث الذى سنورده بعد، فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعو رءوسهم وقوله: وقُولُوا

الصفحة 201