كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)
العداد وقرأ ابن كثير وأبو بكر بالتخفيف .. أَمْناً .. .. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين ثم هاجروا إلى المدينة وكانوا يصبحون في السلاح ويمسون فيه حتى أنجز اللّه وعده فأظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب، وفيه دليل على صحة النبوة للإخبار عن الغيب على ما هو به وخلافة الخلفاء الراشدين إذ لم يجتمع الوعود والوعود عليه لغيرهم بالإجماع، وقيل الخوف من العذاب والأمن منه في الآخرة، يعبدونني حال من الذين لتقيد الوعد بالثبات على التوحيد أو استئناف ببيان المقتضي للاستخلاف والأمن، لا يشركون بي شيئا حال من الواو أي يعبدونني غير مشركين من كفر ومن ارتد أو كفر هذه النعمة بعد ذلك بعد الوعد أو حصول الخلافة فأولئك هم الفاسقون الكاملون في فسقهم حيث ارتدوا بعد وضوح حصول هذه الآيات، أو كفروا تلك النعمة العظيمة. وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ .. ، في سائر ما أمركم به ولا يبعد عطف ذلك على .. أَطِيعُوا اللَّهَ .. ، فإن الفاصل وعد على المأمور به فيكون تكرير الأمر بطاعة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم لتأكيد وتعليق الرحمة بها أو بالمندرجة هي فيه بقوله لعلكم ترحمون كما علق به الهدى.
4. تفسير القرطبي (ج 12/ ص 299 - 300)
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ... ، وقوله ... كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ... ، يعني بني إسرائيل وإذ أهلك اللّه الجبابرة بمصر وأورثهم أرضهم وديارهم فقال وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها، وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين ثم إنّ اللّه تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم فصح أن الآية عامة لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم غير مخصوصة، إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب له التسليم ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم. وجاء في معنى تبديل خوفهم بالأمن أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما قال أصحابه أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح فقال عليه السلام (لا تلبثون إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة)، وقال صلّى اللّه عليه وسلم (واللّه ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللّه