كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)، أخرجه مسلم في صحيحه، فكان كما أخبر صلّى اللّه عليه وسلم فالآية معجزة النبوة لأنها إخبار عما سيكون .. فكان قوله تعالى ... لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ... ، فيه قولان أحدهما يعني أرض مكة لأن المهاجرين سألوا اللّه تعالى ذلك فوعدوا كما وعدت بنو إسرائيل، قال معناه النقاش، الثاني بلاد العرب والعجم قال ابن العربي وهو الصحيح، لأن أرض مكة محرمة على المهاجرين كما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم، لكن البائس سعيد بن خولة يرثي له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن مات بمكة وقال في الصحيح أيضا (يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا) واللام في ليستخلفنهم جواب قسم مضمر لأن الوعد قول مجازها، قال اللّه للذين آمنوا وعملوا الصالحات واللّه ليستخلفنهم في الأرض فيجعلهم ملوكا وسكانها كما استخلف الذين من قبلهم يعني بني إسرائيل أهل الجبابرة بمصر والشأم وأورثهم أرضهم وديارهم .. وقراءة العامة كما استخلف بفتح التاء واللام لقوله وعد وقوله ليستخلفنهم، وقرأ عيسى بن عمرو وأبو بكر والمفضل عن عاصم استخلف بضم التاء وكسر اللام على الفعل المجهول .. ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ .. ، وهو الإسلام كما قال تعالى .. ورَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .. .. وروى سليم بن عامر عن المقداد ابن الأسود قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول (ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله اللّه كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها وأما بذلهم فيدينون بها)، ذكره الماوردي حجة لمن قال إن المراد بالأرض بلاد العرب والعجم وهو القول الثاني على ما تقدم آنفا وليبدلنهم .. قرأ ابن محيصن وابن كثير ويعقوب وأبو بكر بالتخفيف من أبدل وهي قراءة الحسن واختيار أبي حاتم الباقون بالتشديد من بدل وهي اختيار أبي عبيد لأنها أكثر ما في القرآن الكريم.
5. تفسير ابن كثير (ج 3/ ص 202 - 203)
يقول تعالى مخبرا عما حتمه وقضاه لعباده الصالحين من السعادة في الدنيا والآخرة ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة كقوله تعالى إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وقال إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ

الصفحة 41