كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

كما ونجد ذلك واضحا في أحاديث ومواقف كثيرة للنبي صلّى اللّه عليه وسلم منها ما كان إبان حفر الخندق وما كانت عليه الحالة النفسية للصحابة الأجلاء، وكيف وعدهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلم بملك كسرى وقيصر، وقد حصل لاحقا ... وفي الحديث نجد تأكيدا وتفصيلا لهذا القانون المهم، إذ ينقل الإمام أحمد في مسنده (مسند الكوفيين 17680) عن النّعمان بن بشير قال كنّا قعودا في المسجد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وكان بشير رجلا يكفّ حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشنيّ فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم (تكون النّبوّة فيكم ما شاء اللّه أن تكون ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثمّ تكون خلافة على منهاج النّبوّة فتكون ما شاء اللّه أن تكون ثمّ يرفعها إذا شاء اللّه أن يرفعها ثمّ تكون ملكا عاضّا فيكون ما شاء اللّه أن يكون ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثمّ تكون ملكا جبريّة فتكون ما شاء اللّه أن تكون ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثمّ تكون خلافة على منهاج النّبوّة)، ثمّ سكت ... وقد حصلت جميع تلك المراحل باستثناء الأخيرة، فالنبوة، ثم خلافة على منهجها في عهد الخلفاء الراشدين، ثم ملكا عاضا أي كالثمرة التي عضت فهي ناقصة كما حصل في عهد الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية فهي كانت ترمز للدولة الإسلامية التي تطبق الشرع لكن بخلل جوهري وهو الخلافة الوراثية التي يرفضها الشرع الحنيف الآمر بمبدإ الشورى، ثم جاء الملك الجبري وهو ما تبع سقوط الدولة العثمانية من نظام ملكي وجمهوري دكتاتوري جبري قمعي في الدول الإسلامية وهو ما شهدناه ونشهده اليوم، فلم يبق إذن سوى العودة إلى الخلافة على منهج النبوة وهو الذي سيكون بإذنه تعالى.
أخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وكذا في كنز العمال (1/ 77) والحاكم عن أبي ثعلبة الخشني قال: قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من غزاة له، فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين وكان يعجبه إذا قدم من سفر أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين يثنّي بفاطمة ثم أزواجه. فقدم من سفره مرة فأتى فاطمة رضي اللّه عنها، فبدأ بها قبل أزواجه، فاستقبلته على باب البيت فجعلت تقبل وجهه وعينيه وتبكي، فقال لها رسول اللّه

الصفحة 46