كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

صلّى اللّه عليه وسلم: (ما يبكيك؟)، قالت أراك يا رسول اللّه، قد شحب لونك، واخلولقت ثيابك، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم (يا فاطمة لا تبك فإن اللّه بعث أباك بالحق بأمر لا يبقي على ظهر الأرض بيت وبر ولا مدر ولا شعر إلا أدخله اللّه به عزا أو ذلا حتى يبلغ حيث يبلغ الليل) .. وكذا ما ذكرناه في موضع سابق من حديث المقداد بن الأسود في قوله صلّى اللّه عليه وسلم (ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله اللّه كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها وأما بذلهم فيدينون بها).
ويعضده الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين عن تميم الداري (16344) قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول (ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ اللّيل والنّهار ولا يترك اللّه بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله اللّه هذا الدّين بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل عزّا يعزّ اللّه به الإسلام وذلّا يذلّ اللّه به الكفر)، وكان تميم الدّاريّ يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشّرف والعزّ ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذّلّ والصّغار والجزية ...
د - تحدى القرآن الكريم ومنذ بداية الدعوة أن يكون لأبي لهب أمل في الهداية، بل أعطاه استحقاقه مع زوجته وهو الخلود في النار. وقد كانا يستطيعان إثبات عكس ذلك ولو من باب الجدال والتحدي فقط، وليثبتا للناس بطلان هذا الادعاء، ولكن أي شيء من هذا القبيل لم يحدث وصدق اللّه ورسوله: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)، (المسد).
الدكتور ملير، هذا القس الذي أراد قراءة القرآن كي يؤلف كتابا يستهزئ به، فإذا به لا يصدق ما يقرأ فتعلق قلبه بهذا الكتاب، فأعلن إسلامه، وألف كتبا عن عظمة هذا الكتاب وهذا الدين ونشرها عبر الشبكة العالمية الإنترنت. كانت من بين الأمور التي جلبت انتباهه هذا الموضوع الذي يقول عنه: (عجبت لأمر أبي لهب هذا وغباءه، كان بإمكانه أن ينسف الإسلام في مهده، فيعلن إسلامه ولو كذبا ليبين للناس كذب محمد -

الصفحة 47