كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)
وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ ونادى نُوحٌ ابْنَهُ وكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا ولا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (42) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سَماءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الْماءُ وقُضِيَ الْأَمْرُ واسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) ونادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (45) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وإِلَّا تَغْفِرْ لِي وتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (47) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ ولا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49).
وأما مضمون ما جرى له مع قومه، مأخوذا من الكتاب والسنة والآثار، فقد قدمنا عن ابن عباس أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام رواه البخارى.
وذكرنا أن المراد بالقرن الجيل، أو المدة، على ما سلف. ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام، وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس عند تفسير قوله تعالى: وقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ولا تَذَرُنَّ وَدًّا ولا سُواعاً ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً (23). قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون فيها أنصابا، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
قال ابن عباس: وصارت هذه الأوثان التى كانت في قوم نوح في العرب بعد، وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن إسحاق.
وقال ابن جرير في تفسيره: حدثنا ابن حميد، حدثنا مهران، عن سفيان، عن