كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الملحق (2) قصة لوط عليه السلام «1»
كان مما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة قصة قوم لوط عليه السلام، وما حل بهم من النقمة الغميمة، وذلك أن لوطا بن هاران بن تارح، وهو آزر كما جاء في القرآن، ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل، فإبراهيم وهاران وناحور أخوة، كما قدمنا، ويقال: إن هاران هذا هو الذي بنى حران، وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب، واللّه أعلم، وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له، وأذنه فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر، وكان أم تلك المحلة، ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة إليها، ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية وأرداهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل، ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق اللّه من النسوان لعباده الصالحين، فدعاهم لوط إلى عبادة اللّه تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش المنكرات والأفاعيل المستقبحات، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم واستمروا على فجورهم وكفرانهم، فأحل اللّه بهم من البأس الذى لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم، وجعلهم مثلة في العالمين، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين، ولهذا ذكر اللّه تعالى قصتهم في غير ما موضع من كتابه المبين فقال تعالى في سورة الأعراف: ولُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَاتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَاتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْناهُ وأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (83) وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ
______________________________
(1) موسوعة الدكتور طارق السويدان، قصص الأنبياء، قرص مدمج.

الصفحة 69