كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (31) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (32)، (العنكبوت).
وقال اللّه تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74)، وذلك إنه كان يرجوا أن ينيبوا ويسلموا ويقلعوا ويرجعوا، ولهذا قال تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)، (هود). أي أعرض عن هذا وتكلم في غيره، فإنه قد حتم أمرهم، ووجب عذابهم وتدميرهم وهلاكهم إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أي قد أمر به من لا يرد أمره ولا يرد بأسه ولا معقب لحكمه وإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق: أن إبراهيم عليه السلام جعل يقول: أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن؟ قالوا: لا، قال: فمائتا مؤمن؟ قالوا:
لا، قال فأربعون مؤمنا؟ قالوا: لا، قال: فأربعة عشر مؤمنا؟ قالوا: لا، قال ابن إسحاق: إلى أن قال: أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد؟ قالوا: لا؟ قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها الآية.
وعند أهل الكتاب أنه قال: يا رب، أ تهلكهم وفيهم خمسون رجلا صالحا؟ فقال اللّه لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحا، ثم تنازل إلى عشرة، فقال اللّه: لا أهلكهم وفيهم عشرة صالحون، قال اللّه تعالى: ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77)، قال المفسرون: ولما فصلت الملائكة من عند إبراهيم، وهم: (جبريل وميكائيل وإسرافيل)، أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم في صور شبان حسان، اختبارا من اللّه تعالى لقوم لوط، وإقامة للحجة عليهم، فاستضافوا لوطا عليه السلام، وذلك عند غروب الشمس، فخشى إن لم يضفهم يضيفهم غيره، وحسبهم بشرا من الناس سِيءَ بِهِمْ وضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق: شديد بلاؤه وذلك لما يعلم من

الصفحة 74