كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

يرد، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد. وعند أهل الكتاب: أن الملائكة أمروه أن يصعد إلى رأس الجبل الذى هناك فاستبعده وسأل منهم أن يذهب إلى قرية قريبة منهم فقالوا: اذهب فإنا ننتظرك حتى تصير إليها وتستقر فيها، ثم نحل بهم العذاب. فذكروا أنه ذهب إلى قرية: صغر التى يقول الناس: غور زغر، فلما اشرقت الشمس نزل بهم العذاب.
قال اللّه تعالى: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) قالوا: اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن وكن سبع مدن بمن فيهن من الأمم، فقالوا: إنهم كانوا أربع مائة نسمة، وقيل: أربعة آلاف نسمة، وما معهم من الحيوانات، وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات، فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، قال مجاهد:
فكان أول ما سقط منها شرفاتها وأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ، والسجيل: فارسي معرب، وهو: الشديد الصلب القوي مَنْضُودٍ، أي يتبع بعضها بعضا في نزولها عليهم من السماء مُسَوَّمَةً، أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذى يهبط عليه فيدمغه، كما قال: مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ للمسرفين، وكما قال تعالى: وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)، وقال تعالى: والْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (53) فَغَشَّاها ما غَشَّى (54)، يعني قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل متتابعة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذى سقط عليه من الحاضرين منهم في بلدهم، والغائبين عنها من المسافرين، والنازحين والشاذين منها، ويقال: إن امرأة لوط مكثت مع قومها، ويقال: إنها خرجت مع زوجها وبنتيها، ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة والتفتت إلى قومها وخالفت أمر ربها قديما وحديثا، وقالت: وا قوماه فسقط عليها حجر فدمغها، وألحقها بقومها إذ كانت على دينهم وكانت عينا لهم على من يكون عند لوط من الضيفان، كما قال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وقِيلَ

الصفحة 78