كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)
يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَنَ وقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (40) وسنورد حديث الفتون في موضعه بعد هذا إن شاء اللّه تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان.
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وعِلْماً وكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) ودَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17)، (القصص).
لما ذكر تعالى أنه أنعم على أمه برده لها وإحسانه بذلك وامتنانه عليها شرع في ذكر أنه لما بلغ أشده واستوى، وهو احتكام الخلق والخلق وهو سن الأربعين في قول الأكثرين، آتاه اللّه حكما وعلما، وهو النبوة والرسالة التى كان بشر بها أمه حين قال:
إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ثم شرع في ذكر سبب خروجه من بلاد مصر وذهابه إلى أرض مدين وإقامته هنالك حتى كمل الأجل، وانقضى الأمد، وكان ما كان من كلام اللّه له، وإكرامه بما أكرمه به، كما سيأتي، قال تعالى: ودَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي:
وذلك نصف النهار، وعن ابن عباس: بين العشاءين فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ أي يتضاربان ويتهاوشان هذا مِنْ شِيعَتِهِ أي إسرائيلي وهذا مِنْ عَدُوِّهِ أي قبطي، قاله ابن عباس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ وذلك أن موسى عليه السّلام كانت له بديار مصر صولة، بسبب نسبته إلى تبني فرعون له، وتربيته في بيته، وكانت بنو إسرائيل قد عزوا وصارت لهم وجاهة، وارتفعت رءوسهم بسبب أنهم أرضعوه وهم أخواله، أي من الرضاعة، فلما استغاث ذلك الإسرائيلى موسى عليه السّلام على ذلك القبطي أقبل إليه