كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

واقتبس منها نورا وأي نور.
قال اللّه تعالى: فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، وقال في النمل: فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ومَنْ حَوْلَها وسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (8) أي سبحان اللّه الذى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)، وقال في سورة طه: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12) وأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها واتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (16) ... قال غير واحد من المفسرين من السلف والخلف: لما قصد موسى إلى تلك النار التى رآها فانتهى إليها، وجدها تأجج في شجرة خضراء من العوسج، وكل ما لتلك النار في اضطرام، وكل ما لخضرة تلك الشجرة في ازدياد، فوقف متعجبا، وكانت تلك الشجرة في لحف جبل غربي منه عن يمينه، كما قال تعالى:
وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وكان موسى في واد اسمه طوى، فكان موسى مستقبل القبلة وتلك الشجرة عن يمينه من ناحية الغرب، فناداه ربه بالواد المقدس طوى، فأمر أولا بخلع نعليه تعظيما وتكريما وتوقيرا لتلك البقعة المباركة، ولا سيما في تلك الليلة المباركة.
وعند أهل الكتاب: أنه وضع يده على وجهه من شدة ذلك النور، مهابة له وخوفا على بصره، ثم خاطبه تعالى كما يشاء قائلا له: إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي أي أنا رب العالمين الذى لا إله إلا هو، الذي لا تصلح العبادة وإقامة الصلاة إلا له، ثم أخبره أن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وإنما الدار الباقية يوم القيامة، التي لا بدّ من كونها ووجودها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى أي من خير وشر، وحضه وحثه على العمل لها، ومجانبة من لا يؤمن بها ممن عصى مولاه واتبع هواه، ثم قال له مخاطبا ومؤانسا ومبينا

الصفحة 96