كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

لربه عز وجل، حين أمره بالذهاب إلى عدوه الذى خرج من ديار مصر فرارا من سطوته وظلمه، حين كان من أمره ما كان في قتل ذلك القبطي، ولهذا قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ أي اجعله معى معينا وردءا ووزيرا يساعدني ويعينني على أداء رسالتك إليهم، فإنه أفصح مني لسانا، وأبلغ بيانا، قال اللّه تعالى مجيبا له إلى سؤاله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ونَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً أي برهانا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما أي فلا ينالون منكما مكروها بسبب قيامكما، بآياتنا، وقيل: ببركة آياتنا أَنْتُما ومَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.
وقال في سورة طه: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (24) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)، قيل: إنه أصابه في لسانه لثغة، بسبب تلك الجمرة التى وضعها على لسانه التى كان فرعون أراد اختبار عقله، حين أخذ بلحيته وهو صغير فهم بقتله، فخافت عليه آسية وقالت: إنه طفل، فاختبره بوضع تمرة وجمرة بين يديه، فهم بأخذ التمرة فصرف الملك يده إلى الجمرة، فأخذها فوضعها على لسانه، فأصابه لثغة بسببها، فسأل زوال بعضها بمقدار ما يفهمون قوله، ولم يسأل زوالها بالكلية.
قال الحسن البصري: والرسل إنما يسألون بحسب الحاجة، ولهذا بقيت في لسانه بقية، ولهذا قال فرعون قبحه اللّه فيما زعم إنه يعيب به الكليم: ولا يَكادُ يُبِينُ أي يفصح عن مراده، ويعبر عما في ضميره وفؤاده، ثم قال موسى عليه السلام: واجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) ونَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (35) قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (36)، (طه). أي قد أجبناك إلى جميع ما سألت، وأعطيناك الذى طلبت، وهذا من وجاهته عند ربه عز وجل حين شفع أن يوحي اللّه إلى أخيه فأوحى إليه، وهذا جاه عظيم، قال اللّه تعالى: وكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً، وقال تعالى: ووَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53)، وقد سمعت أم المؤمنين عائشة رجلا يقول لأناس وهم

الصفحة 99