كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 1)

فِيهِ إِلَى جَمِيع الْحجاب والخدم.
ثمَّ قَالَ: إِن جَاءَ عبد الْملك، فأذنوا لَهُ، يَعْنِي رجلا كَانَ يأنس بِهِ، ويمازحه، ويحضره خلواته، ثمَّ أَخذنَا فِي شَأْننَا.
فَبَيْنَمَا نَحن على سارة، إِذْ رفع السّتْر، فَإِذا عبد الْملك بن طالح الْهَاشِمِي قد أقبل، وَغلط الْحَاجِب، فَلم يفرق بَينه وَبَين عبد الْملك الَّذِي يأنس بِهِ جَعْفَر.
وَكَانَ عبد الْملك هَذَا من جلالة الْقدر والتقشف، على حَالَة مَعْرُوفَة، حَتَّى إِنَّه كَانَ يمْتَنع من منادمة الْخَلِيفَة، على اجْتِهَاد من الْخَلِيفَة أَنْت يشرب مَعَه قدحا وَاحِد، فَلم يفعل، ترفعا.
فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ مُقبلا، أقبل كل وَاحِد منا ينظر إِلَى صَاحبه، وَكَاد جَعْفَر أَن تَنْشَق مرارته غيظا.
وَفهم الرجل حَالنَا، فَأقبل نحونا، حَتَّى صَار إِلَى الرواق الَّذِي نَحن فِيهِ، فَنزع قلنسوته، فَرمى بهَا مَعَ طيلسانه جانبا، ثمَّ قَالَ: أطمعونا شَيْئا.
فَدَعَا لَهُ جَعْفَر بِطَعَام، وَهُوَ منتفخ غيظا وغضبا، فَأكل، ثمَّ دَعَا برطل، فشربه.
ثمَّ أقبل إِلَى الْمجْلس الَّذِي كُنَّا فِيهِ، فَأخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب، ثمَّ قَالَ: أشركونا فِيمَا أَنْتُم فِيهِ.

الصفحة 363