كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 1)

قَالَ ثُمَامَة: ثمَّ أقبل عَليّ، فَقَالَ: وَإِن أَبَا معن، ليعلم ذَلِك، وَيعرف صِحَة مَا أَقُول، فَتركت تشييع كَلَامه بالتصديق، وأطرقت إِلَى الأَرْض، ودخلتني عصبية الْعَرَبيَّة لِابْنِ مَالك.
ثمَّ عَاد إِلَى تهجين عبد الله، والتوسع فِي الدَّعَاوَى عَلَيْهِ، ثمَّ أقبل عَليّ ثَانِيَة، وَقَالَ: إِن ثُمَامَة ليعرف ذَلِك، فَسكت، وأطرقت، وَإِنَّمَا كَانَ يُرِيد مني تشييع كَلَامه بالتصديق.
فَلَمَّا رأى إعراضي عَن مساعدته ترك الإقبال عَليّ، وَأخذ فِي خطبَته، حَتَّى فرغ من أربه فِي أَمر عبد الله بن مَالك.
فَلَمَّا تفرق النَّاس عَنهُ، وانصرفت، علمت أَنِّي قد تعرضت لموجدة الْفضل، وَهُوَ الْوَزير، وحالي عِنْده حَالي.
فَلَمَّا حصلت فِي منزلي، جَاءَنِي بعض إخْوَانِي مِمَّن كَانَ فِي نَاحيَة الْفضل، فَأَخْبرنِي أَن يحيى بن عبد الله، وَغَيره، قَالُوا: مَاذَا صنع أَبُو معن، يخاطبه الْوَزير، فَيعرض عَنهُ مرّة بعد أُخْرَى.
فَقلت: أَنا وَالله، بالموجدة عَلَيْهِ، أعزه الله، أَحَق، لِأَنَّهُ قَامَ فِي ذَلِك الْجمع، وَقد حضر كل شرِيف ومشروف، فَلم يستشهد بِي فِي خطبَته، وَمَا أجراه فِي كَلَامه، إِلَّا فِي مَوضِع رِيبَة، أَو ذكر نبوة، وَدَار مقين ومغنية، وَمَا أقدر أَن أشهد إِلَّا أَن أكون مَعَ الْقَوْم ثَالِثا.
فَقَالُوا: صدقت، وَالله، يَا أَبَا معن، بئس الْموضع وضعك.
فَرجع كَلَامي إِلَيْهِ، فَقَالَ: صدق وَالله ثُمَامَة، وَهُوَ بالمعتبة أَحَق.
واندفعت عني موجدته، وَمَا كَانَ بِي إِلَّا مَا داخلني من الحمية لعبد الله بن مَالك.

الصفحة 370