كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 1)

قَالَ: شاعرك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَعَبْدك، مَرْوَان بن أبي حَفْصَة.
فَقَالَ لَهُ الْمهْدي: أَلَسْت الْقَائِل فِي معن بن زَائِدَة:
أَقَمْنَا بِالْيَمَامَةِ بعد معن ... مقَاما لَا نُرِيد بِهِ زوالا
وَقُلْنَا أَيْن نَذْهَب بعد معن ... وَقد ذهب النوال فَلَا نوالا
فقد ذهب النوال كَمَا زعمت، فَلم جِئْت تطلب نوالنا؟ لَا شَيْء لَك عندنَا، جروا بِرجلِهِ، فجروا بِرجلِهِ حَتَّى أخرج.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَام الْمقبل، تلطف حَتَّى دخل مَعَ الشُّعَرَاء، وَإِنَّمَا كَانَت الشُّعَرَاء، تدخل على الْخُلَفَاء فِي كل عَام مرّة، فَمثل بَين يَدَيْهِ، فَأَنْشد، رَابِع أَو خَامِس شَاعِر، قصيدته الَّتِي أَولهَا:
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بَيْضَاء تخلط بالجمال دلالها
قادت فُؤَادك فاستقاد وَمثلهَا ... قاد الْقُلُوب إِلَى الصِّبَا فأمالها
قَالَ: فأنصت الْمهْدي يستمع مِنْهُ، إِلَى أَن بلغ مِنْهَا إِلَى قَوْله:
هَل تطمسون من السَّمَاء نجومها ... بأكفكم أَو تسترون هلالها
أَو تجحدون مقَالَة عَن ربه ... جِبْرِيل بلغَهَا النَّبِي فَقَالَهَا
شهِدت من الْأَنْفَال آخر آيَة ... بتراثهم فأردتم إِبْطَالهَا

الصفحة 378