كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 1)

فَأخْبر الله تَعَالَى: أَن الَّذِي مر على قَرْيَة، استبعد أَن يكْشف الله تَعَالَى عَنْهَا، وَعَن أَهلهَا، الْبلَاء، لقَوْله: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الْبَقَرَة: 259] ، فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه. . . إِلَى آخر الْقِصَّة، فَلَا شدَّة أَشد من الْمَوْت والخراب، وَلَا فرج أفرج من الْحَيَاة والعمارة، فَأعلمهُ الله عز وَجل، بِمَا فعله بِهِ، أَنه لَا يجب أَن يستبعد فرجا من الله وصنعا، كَمَا عمل بِهِ، وَأَنه يحيي الْقرْيَة وَأَهْلهَا، كَمَا أَحْيَاهُ، فَأرَاهُ بذلك، آيَاته، ومواقع صنعه.
وَقَالَ عز وَجل: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يُونُس: 12] .
وَقَالَ عز وَجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ {22} فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [يُونُس: 22-23] .
وَقَالَ تَعَالَى، فِي مَوضِع آخر: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ {63} قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ {64} } [الْأَنْعَام: 63-64] .

الصفحة 61