كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَتَارَةً يَحْكِي الْخِلَافَ ثُمَّ يَقُولُ " وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ " كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ. وَتَارَةً يَحْكِي بَعْضَ الرِّوَايَاتِ، أَوْ الْأَقْوَالِ، ثُمَّ يَقُولُ " وَهُوَ بَعِيدٌ " كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ يَكُونُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَأَذْكُرُهُ. وَتَارَةً يَذْكُرُ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى نَظِيرَتِهَا مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهَا عِنْدَهُ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ فِي قَوْلِهِ " وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي النَّاظِرِ فِي الْوَقْفِ " وَفِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِقَوْلِهِ " وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ " فَيَكُونُ إمَّا تَابَعَ غَيْرَهُ، أَوْ قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ خَاصٌّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، فَأَذْكُرُهُ إنْ ظَفِرْت. أَوْ يَذْكُرُ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ يُخَرِّجُ فِيهَا قَوْلًا مِنْ نَظِيرَتِهَا، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِ. وَالْحُكْمُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَتَارَةً يَذْكُرُ حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِمَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ، ثُمَّ يُخَرِّجُ مِنْ إحْدَاهُمَا حُكْمَهَا إلَى الْأُخْرَى. كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهِ.
وَلِلْأَصْحَابِ فِي جَوَازِ النَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ خِلَافٌ. وَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا وَالْقَذْفِ وَغَيْرِهِمَا. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقَاعِدَةِ آخِرَ الْكِتَابِ مُحَرَّرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَتَارَةً يَذْكُرُ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ وَلَهَا مَفْهُومٌ. فَرُبَّمَا ذَكَرْت الْمَفْهُومَ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَالْخِلَافِ، إنْ كَانَ وَظَفِرْت بِهِ.
وَرُبَّمَا أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ، وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدٍ قَدْ قَيَّدَهَا بِهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ أَوْ بَعْضِهِمْ، فَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَأَذْكُرُ مَنْ قَالَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ إنْ تَيَسَّرَ.
وَتَارَةً يَكُونُ كَلَامُهُ عَامًّا، وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَصَدَ ضَرْبَ الْمِثَالِ، فَنُبَيِّنُهُ. وَسَيَمُرُّ بِك ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الصفحة 11