كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

تَنْبِيهٌ:
حَدُّ الْإِنْقَاءِ بِالْأَحْجَارِ: بَقَاءُ أَثَرٍ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ: هُوَ إزَالَةُ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَبِلَّتِهَا، بِحَيْثُ يَخْرُجُ الْحَجَرُ نَقِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ أَثَرٌ إلَّا شَيْئًا يَسِيرًا. فَلَوْ بَقِيَ مَا يَزُولُ بِالْخِرَقِ لَا بِالْحَجَرِ أُزِيلَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَوَّلِ، لَا الثَّانِي، وَالْإِنْقَاءُ بِالْمَاءِ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ كَمَا كَانَ.
قَالَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ: هُوَ ذَهَابُ لُزُوجَةِ النَّجَاسَةِ وَآثَارِهَا، وَهُوَ مَعْنَى الْأَوَّلِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَتَى بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ اكْتَفَى فِي زَوَالِهَا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (إلَّا الرَّوْثَ وَالْعِظَامَ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ بِهِمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: وَبِمَا نَهَى عَنْهُ. قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يُنَقِّي، بَلْ لِإِفْسَادِهِ. فَإِذَا قِيلَ: يَزُولُ بِطَعَامِنَا مَعَ التَّحْرِيمِ، فَهَذَا أَوْلَى. قَوْلُهُ (وَالطَّعَامُ) . دَخَلَ فِي عُمُومِهِ: طَعَامُ الْآدَمِيِّ وَطَعَامُ الْبَهِيمَةِ. أَمَّا طَعَامُ الْآدَمِيِّ: فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ مِنْهُ الْأَصْحَابُ. وَأَمَّا طَعَامُ الْبَهِيمَةِ: فَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَطَعَامِ الْآدَمِيِّ. مِنْهُمْ أَبُو الْفَرَجِ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي قَوَاعِدِهِ الْإِجْزَاءَ بِالْمَطْعُومِ وَنَحْوِهِ. ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ (وَمَا لَهُ حُرْمَةٌ) . كَمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: وَكُتُبُ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ.

الصفحة 110