كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

قُلْتُ: وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمُ مَا يُخَالِفُهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَكُتُبٌ مُبَاحَةٌ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ، لِتَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْضًا: وَحِجَارَةُ الْحَرَمِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ. انْتَهَى.
وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حَرَمَ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَالْإِجْمَاعُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ (وَمَا يَتَّصِلُ بِحَيَوَانٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَجَوَّزَ الْأَزَجِيُّ الِاسْتِجْمَارَ بِذَلِكَ.

فَوَائِدُ إحْدَاهُمَا: لَوْ اسْتَجْمَرَ بِمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ، لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ وَالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ وَالطَّعَامِ. فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ: إنْ اسْتَنْجَى بَعْدَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ بِمُبَاحٍ.
فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، فَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ إنْ أَزَالَ شَيْئًا. وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ وَعَدَمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الثَّالِثَ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَإِطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ حَكَاهُ طَرِيقَةً. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إذَا اسْتَنْجَى بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ: تَعَيَّنَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ الطَّاهِرِ: فَقَطَعَ الْمَجْدُ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِتْعَيْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَفِي الْمُغْنِي: احْتِمَالٌ بِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ الْمُنَقِّي. جَازَ الِاسْتِجْمَارُ بَعْدَهُ بِمُنَقٍّ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِمُحَرَّمٍ أَوْ مُحْتَرَمٍ، فَهَلْ يُجْزِئُ الْحَجَرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَتَقَدَّمَ إذَا تَنَجَّسَ الْمَخْرَجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ الْخَارِجِ.

الصفحة 111