كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِجِلْدِ السَّمَكِ، وَجِلْدِ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِالْمَدْبُوغِ مِنْهَا. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا.
وَيَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِحَشِيشٍ رَطْبٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ: يَجُوزُ. وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ فِي الْحَشِيشِ الْوَجْهَيْنِ.

الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ) بِلَا نِزَاعٍ. وَكَيْفَمَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ فِي الِاسْتِجْمَارِ، أَجْزَأَ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ الْحَجَرَ الْأَوَّلَ مِنْ مُقَدِّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى إلَى مُؤَخِّرِهَا، ثُمَّ يُدِيرَهُ عَلَى الْيُسْرَى حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ. ثُمَّ يُمِرَّ الثَّانِيَ مِنْ مُقَدِّمِ صَفْحَتِهِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ. ثُمَّ يُمِرَّ الثَّالِثَ عَلَى الْمَسْرَبَةِ وَالصَّفْحَتَيْنِ. فَيَسْتَوْعِبُ الْمَحَلَّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ. الرَّابِعَةُ: لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ جِهَةٍ بِحَجَرٍ، لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ. وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُسَنُّ أَنْ يَعُمَّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ بِحَجَرٍ مَرَّةً. وَعَنْهُ بَلْ كُلَّ جَانِبٍ مِنْهُ بِحَجَرٍ مَرَّةً، وَالْوَسَطَ بِحَجَرٍ مَرَّةً. وَقِيلَ: يَكْفِي لِكُلِّ جِهَةٍ مَسْحُهَا ثَلَاثًا بِحَجَرٍ، وَالْوَسَطِ مَسْحَةٌ ثَلَاثًا بِحَجَرٍ انْتَهَى.
قَوْلُهُ (إمَّا بِحَجَرٍ ذِي شُعَبٍ) ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي الِاسْتِجْمَارِ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ إذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ فَصَاعِدًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالشِّيرَازِيُّ.

الصفحة 112