كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: يَجِبُ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، تَبَعًا لِلْمَجْدِ: وَالْأَقْيَسُ وُجُوبُ تَرْتِيبِهِمَا، كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبَانِ بَيْنَهُمْ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ تَصْرِيحًا. وَفِي رِوَايَةِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَهُمَا حَتَّى صَلَّى، أَتَى بِهِمَا. وَأَعَادَ الصَّلَاةَ دُونَ الْوُضُوءِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَمَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهُمَا بِالسُّنَّةِ. وَالتَّرْتِيبِ: إنَّمَا وَجَبَ بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ مُعْتَضِدًا بِالسُّنَّةِ. وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِيهِمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَعَنْهُ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ وَحْدَهَا. الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ " وَالِاسْتِنْشَاقُ " لِلتَّرْتِيبِ، كَثُمَّ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ وُجُوبَهُ عَلَى قَوْلِنَا: لَمْ يَدُلَّ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا أَصَحُّ) ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ: سُنَّةٌ. إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي. وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَحْدَهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَعَنْهُ تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ. وَقِيلَ: تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَحْدَهُ. اخْتَارَهَا ابْنُ شَاقِلَا. وَيُحْكَى رِوَايَةً. ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَيْضًا. قَالَهُ الشَّارِحُ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ،

الصفحة 132