كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا. نَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ. وَعَنْهُ يَجِبُ الِاسْتِنْشَاقُ فِي الْوُضُوءِ وَحْدَهُ. ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عَكْسُهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا.
فَائِدَةٌ: هَلْ يُسَمِّيَانِ فَرْضًا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَسْقُطَانِ سَهْوًا أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ فِيهِمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي تَسْمِيَتِهِمَا فَرْضًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ فِي سُقُوطِهِمَا سَهْوًا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْوَاجِبِ، هَلْ يُسَمَّى فَرْضًا أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُسَمَّى فَرْضًا. فَيُسَمَّيَانِ فَرْضًا. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: هُمَا وَاجِبَانِ لَا فَرْضَانِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حَيْثُ قِيلَ بِالْوُجُوبِ، فَتَرْكُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، وَلَوْ سَهْوًا: لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ. قَالَهُ الْجُمْهُورُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا عَلَى الْأَشْهَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ قِيلَ إنَّ وُجُوبَهُمَا بِالسُّنَّةِ صَحَّ مَعَ السَّهْوِ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: وُجُوبُهُمَا بِالْكِتَابِ. وَالثَّانِيَةُ: بِالسُّنَّةِ.
تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ: هَلْ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا فَائِدَةَ لَهُ. وَمَتَى قُلْنَا بِوُجُوبِهِمَا لِمَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِتَرْكِهِمَا عَمْدًا، وَلَا سَهْوًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ لَهُمَا الْكِتَابُ: لَمْ يَصِحَّ الْوُضُوءُ بِتَرْكِهِمَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا، وَإِنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ لَهُمَا السُّنَّةُ: صَحَّ وُضُوءُهُ مَعَ السَّهْوِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ.

فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ الِانْتِثَارُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَيَكُونُ بِيَسَارِهِ. وَعَنْهُ يَجِبُ.

الصفحة 153