كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ: بِالِاسْتِحْبَابِ إذَا أُمِنَ الضَّرَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ فِي الْجَنَابَةِ دُونَ الْوُضُوءِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَعَنْهُ يَجِبُ. وَأَمَّا مَا فِي الْوَجْهِ مِنْ الشَّعْرِ: فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي آخِرِ بَابِ السِّوَاكِ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ {مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ} يَعْنِي الْمُعْتَادَ فِي الْغَالِبِ. فَلَا عِبْرَةَ بِالْأَفْرَعِ بِالْفَاءِ الَّذِي يَنْبُتُ شَعْرُهُ فِي بَعْضِ جَبْهَتِهِ، وَلَا بِأَجْلَحَ، الَّذِي انْحَسَرَ شَعْرُهُ عَنْ مُقَدِّمِ رَأْسِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ {مَعَ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْ اللِّحْيَةِ} هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِلَا رَيْبٍ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: هِيَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ: الصَّحِيحُ لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نَصَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الشَّعْرِ الْمُسْتَرْسِلِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ.
فَائِدَةٌ: يَجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ: مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ عَرْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بِحَالٍ. نَقَلَ بَكْرٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ: أَيُّمَا أَعْجَبُ إلَيْك: غَسْلُ اللِّحْيَةِ أَوْ التَّخْلِيلُ؟ فَقَالَ: غَسْلُهَا لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّلْ أَجْزَاهُ. فَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الْخَلَّالُ: أَنَّهَا لَا تُغْسَلُ مُطْلَقًا. فَقَالَ: الَّذِي ثَبَتَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ لَا يَغْسِلُهَا. وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ.

الصفحة 156