كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَرَدَّ ذَلِكَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ " لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ " أَيْ غَسْلُ بَاطِنِهَا. وَرَدَّ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى الْقَاضِي.
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ {وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهُ} تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَصِفَتُهُ فِي بَابِ السِّوَاكِ مُسْتَوْفًى. الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ {وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُهَا أَجْزَأَهُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ} أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ: يَجِبُ. وَقِيلَ: فِي وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَ شَعْرِ غَيْرِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُكْرَهُ غَسْلُ بَاطِنِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُكْرَهُ غَسْلُ بَاطِنِهَا فِي الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ.

قَوْلُهُ {وَيُدْخِلُ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الْغَسْلِ} هَذَا الْمَذْهَبُ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ إدْخَالُهُمَا فِي الْغَسْلِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: مَنْ لَا مَرْفِقَ لَهُ يَغْسِلُ إلَى قَدْرِ الْمَرْفِقِ فِي غَالِبِ النَّاسِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَوَائِد
لَوْ كَانَ لَهُ يَدٌ زَائِدَةٌ أَوْ إصْبَعٌ أَصْلُهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، كَالْعَضُدِ وَالْمَنْكِبِ، وَتَمَيَّزَتْ: لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَالشِّيرَازِيُّ: يَجِبُ غَسْلُ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ مِنْهَا. وَيَأْتِي فِي الرِّعَايَةِ: غَسَلَ مِنْهَا مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ فِي الْأَصَحِّ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.

الصفحة 157