كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى: فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا: وَمَنْ لَهُ يَدَانِ عَلَى كُوعَيْهِ، أَوْ يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى مَرْفِقَيْهِ، وَتَسَاوَتَا فَهُمَا يَدٌ. انْتَهَى.
وَلَوْ كَانَ لَهُ يَدَانِ لَا مَرْفِقَ لَهُمَا: غَسَلَ إلَى قَدْرِ الْمَرْفِقِ فِي غَالِبِ عَادَاتِ النَّاسِ. وَتَقَدَّمَ كَمَا قُلْنَا فِي الرُّجُوعِ إلَى حَدِّ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي حَقِّ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ. فَإِنْ انْقَلَعَتْ جِلْدَةٌ مِنْ الْعَضُدِ حَتَّى تَدَلَّتْ مِنْ الذِّرَاعِ وَجَبَ غَسْلُهَا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ، وَإِنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ الذِّرَاعِ حَتَّى تَدَلَّتْ مِنْ الْعَضُدِ: لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا، وَإِنْ طَالَتْ. وَإِنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ، وَالْتَحَمَ رَأْسُهَا بِالْآخَرِ: غَسَلَ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ مِنْ ظَاهِرِهَا، وَالْمُتَجَافِيَ مِنْهُ مِنْ بَاطِنِهَا وَمَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهَا كَالنَّابِتَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ. قَطَعَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ الْيَدِ: غُسِلَتْ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَقِيلَ: إنْ تَدَلَّتْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ: غُسِلَتْ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَإِنْ الْتَحَمَ رَأْسُهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ: غُسِلَ مَا فِيهِ مِنْهَا. وَقِيلَ: كَيَدٍ زَائِدَةٍ. انْتَهَى وَإِذَا انْكَشَطَتْ جِلْدَةٌ مِنْ الْيَدِ وَقَامَتْ: وَجَبَ غَسْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حَسَّاسَةٍ، بَلْ يَبِسَتْ وَزَالَتْ رُطُوبَةُ الْحَيَاةِ مِنْهَا.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ تَحْتَ أَظْفَارِهِ يَسِيرُ وَسَخٍ، يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَنَصَرَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ، كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا، وَاخْتَارَهُ فِي

الصفحة 158