كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فِي التَّعْلِيقِ: يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ لِلْعُذْرِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ يَمْسَحُ مَعَهُ الْعِمَامَةَ لِعُذْرٍ، كَالنَّزْلَةِ وَنَحْوِهَا. وَتَكُونُ كَالْجَبِيرَةِ. فَلَا تَوْقِيتَ. وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ لِلْمَرْأَةِ دُونَ غَيْرِهَا. قَالَ الْخَلَّالُ، وَالْمُصَنِّفُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الظَّاهِرَةُ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ الْخَلَّالُ الْعَمَلُ فِي مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهَا إنْ مَسَحَتْ مُقَدِّمَ رَأْسِهَا أَجْزَأَهَا.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: إذَا قُلْنَا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ: لَمْ يَكْفِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يَكْفِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَشْهَرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عَنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ. وَلِلْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجْهٌ بِالْإِجْزَاءِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ بَعِيدٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَيَاضِ الَّذِي فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ دُونَ الشَّعْرِ، إذَا قُلْنَا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَقُلْنَا: الْفَرْضُ مِنْهُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ فَهَلْ الْكُلُّ فَرْضٌ، أَوْ قَدْرُ النَّاصِيَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا: أَنَّ الْوَاجِبَ قَدْرُ النَّاصِيَةِ. [قُلْت: وَلَهَا نَظَائِرُ فِي الزَّكَاةِ وَالْهَدْيِ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ دَمٌ فِي الْهَدْيِ. فَأَخْرَجَ بَعِيرًا] . قَوْلُهُ {وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ مَعَ الْأُذُنَيْنِ} . إذَا قُلْنَا: يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ، وَأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ: مَسْحُهُمَا وُجُوبًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ هُوَ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمَا: الْأَوْلَى مَسْحُهُمَا. وَجَزَمَ بِالْوُجُوبِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا. قَالَ

الصفحة 162