كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

قَوْلُهُ {وَيُدْخِلُهُمَا فِي الْغَسْلِ} يَعْنِي الْكَعْبَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ إدْخَالُهُمَا فِيهِ. قَوْلُهُ {وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ: غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ} . شَمِلَ كَلَامُهُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ. الْأُولَى: أَنْ يَبْقَى مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ، فَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ مَحَلِّ الْفَرْضِ: فَلَا يَجِبُ الْغَسْلُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ مَحَلَّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ، لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلِ الْمَرْفِقَيْنِ، أَوْ الْكَعْبَيْنِ: فَيَجِبُ غَسْلُ طَرَفِ السَّاقِ وَالْعَضُدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ: الْوُجُوبُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ يَسْقُطُ. فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ سَقَطَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ خِلَافِهِ. وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمَسَّ رَأْسَ الْعُضْوِ بِالْمَاءِ، كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ قَطَعَ مِنْهُ مِنْ فَوْقِ الْمَرْفِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ.

فَائِدَةٌ: وَكَذَا حُكْمُ التَّيَمُّمِ إذَا قُطِعَتْ الْيَدُ مِنْ الْكَفِّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ،

الصفحة 164