كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فَائِدَةٌ: لَا يَمْسَحُ عَلَى خُفٍّ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ تَيَمَّمَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقَالَ: هُوَ أَوْلَى، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: مَنْ قَالَ لَا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُ إلَّا وُجُودُ الْمَاءِ: لَهُ أَنْ يَمْسَحَ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: إذَا تَيَمَّمَ لِجُرْحٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ {وَيَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ} وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ.
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَقِيلَ: يَمْسَحُ كَالْجَبِيرَةِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَلَا تَتَوَقَّتُ مُدَّةُ الْمَسْحِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ الَّذِي يَشُقُّ اشْتِغَالُهُ بِالْخَلْعِ وَاللُّبْسِ، كَالْبَرِيدِ الْمُجَهَّزِ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ " غَيْرُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ. فَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْسَحَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ كَغَيْرِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ. وَقِيلَ: لَا يَمْسَحُ مُطْلَقًا، عُقُوبَةً لَهُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ أَقَامَ وَهُوَ عَاصٍ بِإِقَامَتِهِ، كَمَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِسَفَرٍ فَأَبَى، وَأَقَامَ. فَلَهُ مَسْحُ مُقِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: هَلْ هُوَ كَعَاصٍ بِسَفَرِهِ فِي مَنْعِ التَّرْخِيصِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قُلْت: فَعَلَى الْمَنْعِ يُعَايَى بِهَا.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ {إلَّا الْجَبِيرَةَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا إلَى حَلِّهَا} بِلَا نِزَاعٍ وَلَا تَقْيِيدٍ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَنْهُ أَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ كَالتَّيَمُّمِ يَتَقَيَّدُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ. فَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ. وَتَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا.

الصفحة 176