كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ غَيْرَ الْجَبِيرَةِ. وَقِيلَ: اللُّصُوقِ يَوْمًا وَلَيْلَةً.
وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَيَمْسَحُ الْمُقِيمُ غَيْرَ اللُّصُوقِ وَالْجَبِيرَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً.
قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَأَنَّ اللُّصُوقَ حَيْثُ تَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ يَمْسَحُ عَلَيْهِ إلَى حَلِّهِ كَالْجَبِيرَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا خِلَافٌ.

قَوْلُهُ {وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ} هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أَيْ مِنْ وَقْتِ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ. فَلَوْ مَضَى مِنْ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، أَوْ ثَلَاثَةٌ، إنْ كَانَ مُسَافِرًا، وَلَمْ يَمْسَحْ: انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ لَا يُحْتَسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ. فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ، ثُمَّ أَحْدَثَ: اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةَ.
وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ: وَقْتُ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ. انْتَهَى. وَعَنْهُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ الْمَسْحِ بَعْدَ الْحَدَثِ. وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَانْتِهَاؤُهَا وَقْتُ الْمَسْحِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.

فَائِدَةٌ: يُتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُقِيمُ بِالْمَسْحِ سَبْعَ صَلَوَاتٍ، مِثْلُ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةَ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْجَمْعَ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَيَمْسَحُ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
ثُمَّ يَمْسَحُ إلَى مِثْلِهَا مِنْ الْغَدِ، وَيُصَلِّي الْعَصْرَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ. فَتَتِمُّ لَهُ سَبْعُ صَلَوَاتٍ. وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُسَافِرُ بِالْمَسْحِ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً.
كَمَا قُلْنَا فِي الْمُقِيمِ.

قَوْلُهُ {وَإِنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ: أُتَمّ مَسَحَ مُقِيمٌ} هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ، إنْ كَانَ مَسَحَ مُسَافِرًا فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الطَّبَقَاتِ: وَهُوَ غَرِيبٌ.
وَنَقَلَهُ فِي الْإِيضَاحِ رِوَايَةً. وَلَمْ أَرَهَا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ.

الصفحة 177