كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

بِالتُّرَابِ. وَأَنَّ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الطَّهُورَ مِنْهُمَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِمَا بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْفَتْحِ فِي الْمُطْلِعِ: الطَّهَارَةُ فِي الشَّرْعِ: ارْتِفَاعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَمَا أَشْبَهَهُ، مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ، بِالْمَاءِ، وَارْتِفَاعُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ. فَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ " وَمَا أَشْبَهَهُ " تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ، وَالْأَغْسَالَ الْمُسْتَحَبَّةَ، وَالْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ. وَلَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِيهِ إبْهَامٌ مَا. وَقَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: مَعْنَى " الطَّهَارَةِ " فِي الشَّرْعِ مُوَافِقٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. فَلِذَلِكَ نَقُولُ: الطَّهَارَةُ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَمَّا هُوَ مُسْتَقْذَرٌ شَرْعًا، وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ الطِّهَارَاتِ، مُنْعَكِسٌ فِي غَيْرِهَا. ثُمَّ الْمُسْتَقْذَرُ شَرْعًا: إمَّا عَيْنِيٌّ. وَيُسَمَّى نَجَاسَةً، أَوْ حُكْمِيٌّ. وَيُسَمَّى حَدَثًا. فَالتَّطْهِيرُ: إخْلَاءُ الْمَحَلِّ مِنْ الْأَقْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ: أَنَّ حَدَّ الْفُقَهَاءِ لِلطَّهَارَةِ بِرَفْعِ مَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ بِالْمَاءِ، أَوْ إزَالَةُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ وَهُوَ أَجْوَدُ مَا قِيلَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ جَيِّدٍ؛ لِأَنَّ مَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ لَيْسَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِنْسَانِ، لَا إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْيَانِ. ثُمَّ الْحَدُّ مُتَعَدٍّ. وَالْمَحْدُودُ لَازِمٌ. فَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ. وَالْحَدُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا. لَكِنْ لَوْ فَسَّرَ بِهِ " التَّطْهِيرَ " جَازَ. فَإِنَّهُ بِمَعْنَاهُ، مَعَ طُولِ الْعِبَارَةِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: الطَّهَارَةُ فِي الشَّرْعِ بِمَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا: ضِدُّ الْوَصْفِ بِالنَّجَاسَةِ. وَهُوَ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَمَّا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِصْحَابِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. وَيَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الْبَدَنُ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي: طَهَارَةُ الْحَدَثِ. وَهِيَ اسْتِعْمَالٌ مَخْصُوصٌ بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ، يَخْتَصُّ بِالْبَدَنِ، مُشْتَرَطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَقَالَ: وَهَذِهِ الطَّهَارَةُ يُتَصَوَّرُ قِيَامُهَا مَعَ الطَّهَارَةِ الْأُولَى وَضِدِّهَا، كَبَدَنِ الْمُتَوَضِّئِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ خَلَا عَنْهَا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: الطَّهَارَةُ اسْتِعْمَالُ الطَّهُورِ فِي مَحَلِّ التَّطْهِيرِ عَلَى الْوَجْهِ

الصفحة 20