كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَحَرَّمَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَيْضًا رَفْعَ الْحَدَثِ بِهِ حَيْثُ تَنَجَّسَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَعْظِيمُهُ. وَقَدْ زَالَ بِنَجَاسَتِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ. فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيمَا لَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ، هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا، وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَأَمَّا الشُّرْبُ مِنْهُ: فَمُسْتَحَبٌّ. وَيَأْتِي فِي صِفَةِ الْحَجِّ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَأَمَّا رَشُّ الطَّرِيقِ وَجَبَلِ التُّرَابِ الطَّاهِرِ وَنَحْوِهِ، فَقِيلَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.

وَمِنْهَا: مَاءُ الْحَمَّامِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: إبَاحَةُ اسْتِعْمَالِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ لَا تُجْزِئُ الطَّهَارَةُ بِهِ. فَإِنَّهُ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُجَدِّدَ مَاءً غَيْرِهِ.
وَنُقِلَ عَنْهُ: يَغْتَسِلُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ وَيَأْتِي فِي فَصْلِ النَّجَسِ، هَلْ مَاءُ الْحَمَّامِ كَالْجَارِي، أَوْ إذَا فَاضَ مِنْ الْحَوْضِ؟

وَمِنْهَا: مَاءُ آبَارِ ثَمُودَ.
فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ: إبَاحَتُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إبَاحَتِهِ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ وَنَصِّ أَحْمَدَ. ذَكَرَ النَّصَّ عَنْ أَحْمَدَ وَالْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْهَا: الْمُسَخَّنُ بِالْمَغْصُوبِ. وَفِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ.، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ [وَالْوَجِيزِ] وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ. وَأَمَّا الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَصِحُّ بِهِ.

الصفحة 28