كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: تَصِحُّ وَتُكْرَهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ، مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ، وَهُوَ الْغَصْبُ.

وَمِنْهَا كَرَاهَةُ الطَّهَارَةِ مِنْ بِئْرٍ فِي الْمَقْبَرَةِ. قَالَهُ [ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ] وَالسَّامِرِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ. وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى كَرَاهَتِهِ. وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ، فَهَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَاعْلَمْ: أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طُرُقًا.
إحْدَاهَا وَهِيَ أَصَحُّهَا: أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ مُطْلَقًا، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَقَطَعَ بِهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ: الْكَرَاهَةُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَصَحِيحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَإِنْ سُخِّنَ، بِنَجَاسَةٍ كُرِهَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ.
قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا الْأَشْهَرُ، وَهُوَ مِنْهَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ لَا تَصِلُ لَمْ يُكْرَهْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

الصفحة 29