كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

فَائِدَةٌ: تَغَيُّرُ كَثِيرٍ مِنْ الصِّفَةِ كَتَغَيُّرِ صِفَةٍ كَامِلَةٍ. وَأَمَّا تَغَيُّرُ يَسِيرٍ مِنْ الصِّفَةِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: هُوَ كَتَغَيُّرِ صِفَةٍ كَامِلَةٍ.
اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْمُنَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى السَّلْبِ بِالْيَسِيرِ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ. وَقَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ فِي الرِّيحِ أَيْضًا. انْتَهَى.
وَقِيلَ: الْخِلَافُ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الرَّائِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ.
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُغَيِّرُ لِلْمَاءِ تُرَابًا، أُوضِعَ قَصْدًا: أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: أَنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنْ وَضَعَ تِلْكَ قَصْدًا لَا يَضُرُّ، وَلَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، مَا لَمْ يَصِرْ طِينًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَابْنِ رَزِينٍ، وَالتَّسْهِيلِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ قَطَعَ الْعَامَّةُ، قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا تَغَيَّرَ بِالْمِلْحِ الْمَائِيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مِنْ عِنْدِهِ: إنْ صَفَا الْمَاءُ مِنْ التُّرَابِ فَطَهُورٌ، وَإِلَّا فَطَاهِرٌ، قُلْت: أَمَّا إذَا صَفَا الْمَاءُ مِنْ التُّرَابِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِي طَهُورِيَّتِهِ نِزَاعٌ فِي الْمَذْهَبِ، الثَّانِي: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: إذَا وَضَعَ مَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ قَصْدًا.

الصفحة 34