كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

بِجَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ، مَعَ الْكَرَاهَةِ. فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُوَافِقًا لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ، عَلَى مَا يَأْتِي. مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ، بَلْ قَالَهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ وَالْجَوَازِ. انْتَهَى.
وَنَقُولُ: هُوَ وَقْتُ جَوَازٍ فِي الْجُمْلَةِ لِأَجْلِ الْمَعْذُورِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ: أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَخْرُجُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ قَوْلٌ حَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا مَعَ الْغَيْمِ، دُونَ الصَّحْوِ. نَقَلَهَا صَالِحٌ. . قَالَهُ الْقَاضِي. وَلَفْظُ رِوَايَةِ صَالِحٍ " يُؤَخَّرُ الْعَصْرُ أَحَبُّ إلَيَّ. آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدِي: مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ " فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَعَنْهُ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا إلَّا مَعَ الصَّحْوِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. وَقِيلَ: عَنْهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَعَ الصَّحْوِ.

قَوْلُهُ عَنْ الْمَغْرِبِ (وَوَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّمْسِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ فِي الْحَضَرِ، وَالْأَحْمَرِ فِي غَيْرِهِ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: تُعْتَبَرُ غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ، لِدَلَالَتِهَا عَلَى غَيْبُوبَةِ الْأَحْمَرِ لَا لِنَفْسِهِ. وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ، فَهَلْ يَدْخُلُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَعَ بَقَاءِ الْحُمْرَةِ، أَوْ حَتَّى يَذْهَبَ ذَلِكَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
فَائِدَةٌ:
لِلْمَغْرِبِ وَقْتَانِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي النَّصِيحَةِ: لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ. وَقَالَ: مَنْ أَخَّرَ حَتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ فَقَدْ أَخْطَأَ.

الصفحة 434