كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ (وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ، لِمَنْ قَصَدَهَا) يَعْنِي لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِمًا. وَهَذَا إجْمَاعٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي لَوْ دُفِعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَحَصَلَ بِمُزْدَلِفَةَ وَقْتَ الْغُرُوبِ: أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهَا. وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا. قَالَ: كَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ لِأَجْلِ الْغَيْمِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا فِي الْغَيْمِ كَالظُّهْرِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ قَرِيبًا.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: يَكُونُ تَأْخِيرُهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ. . قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ. وَاقْتُصِرَ فِي الْفُصُولِ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى، يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ نُسُكٌ وَفَضِيلَةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَقَوْلُهُ " إلَّا بِمِنًى " هُوَ فِي الْفُصُولِ وَصَوَابُهُ " إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ ". الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: يُكْرَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ كَثُرَ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ كُرِهَ. وَإِلَّا فَلَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ تَسْمِيَتُهَا بِالْمَغْرِبِ.

قَوْلُهُ عَنْ الْعِشَاءِ (وَوَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) يَعْنِي وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْفُرُوعِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: الْأَوْلَى أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ. فَإِنْ أَخَّرَهَا جَازَ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ نِصْفُهُ جَزَمَ بِهِ

الصفحة 435