كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

بَعْدَ قَوْلِهِ " وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا ". قَوْلُهُ (وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يُشَقَّ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ شَقَّ التَّأْخِيرُ عَلَى جَمِيعِ الْمَأْمُومِينَ كُرِهَ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ شَقَّ عَلَى بَعْضِهِمْ كُرِهَ أَيْضًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا، أَوْ يُرَاعَى حَالُ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ الْأَشَقِّ عَلَيْهِمْ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. فَحَكَوْا الْخِلَافَ مُطْلَقًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ: يُسَنُّ تَأْخِيرُهَا. وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِينَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَغَيْرِهِمْ: اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا.
تَنْبِيهٌ:
يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: إذَا أُخِّرَ الْمَغْرِبُ لِأَجْلِ الْغَيْمِ أَوْ الْجَمْعِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْعِشَاءِ. . قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا مَعَ الْغَيْمِ نُصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مَعَ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ مَعَهُ، وَالْخُرُوجِ إلَيْهَا.
فَوَائِدُ
يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ. وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا إلَّا فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ شَغْلٍ أَوْ شَيْءٍ يَسِيرٍ، وَالْأَصَحُّ أَوْ مَعَ الْأَهْلِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ مَعَ الْأَهْلِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ: وَلَا يُكْرَهُ لِمُسَافِرٍ وَلِمُصَلٍّ بَعْدَهَا. وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَا تَسْمِيَةُ الْفَجْرِ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ فِيهِمَا. وَقِيلَ: يُكْرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ فِي الْأُولَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فِي اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: الْأَشْهَرُ عَنْهُ: إنَّمَا يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهَا الِاسْمُ، وَأَنَّ مِثْلَهَا فِي الْخِلَافِ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ بِالْعِشَاءِ.

الصفحة 437